une vue générale sur guenzet
قـنزات أم القــرى أصعدت من دار أنجبت أســد الشرى من كل مـغوار
أنت منــار الهـدى فياض الأنـــوار أنت مثال الهدى في حزب الأحرار
هذا نــادي الشباب أعـزه البــاري أنسى برغم العذاب تجنى من العار
لاقـــــاكم بابتســـام وأنسى الأخيار حيــاكم بســلام وطيب الأزهـــــار
لقد حزت خير الثناء في كل الأمصار هذا أعــــز المنى يا أم الأبـــــرار
الربيع بوشامة
histoire de yaala ( le myth des ith yaala)
كان يعلى يملك بستانا غير بعيد عن أبواب المدينة ، وكان يجني العنب من كرومه في ذلك الصيف من العام 1061 . وكان نقل العنب يتم على ظهر الحمار في " شواري " ، وكان الحمار يعرف طريقه لذلك فقد كان يذهب وحده إلى المنزل حيث ينتظره أحد أبناء يعلى الذي ينزل الحمل من على ظهره ، وبعد ذلك يعود الحمار إلى البستان حيث كان يعلى وأبناؤه الآخرون يكملون أعمالهم . وكان هذا الذهاب والإياب يتم دون أي عائق ، لأن الناس ــ الذين كانوا معتادين على الانضباط الذي فرضه أمراء القلعة ــ كانوا يهتمون بأشغالهم دون أن يتدخلوا في شؤون الآخرين . وكان السلام والهدوء ونزاهة السكان تسود عاصمة الإمارة . وفي خضم هذا الذهاب والإياب تأخر الحمار عن العودة إلى البستان ، فقلق يعلى وتبع الطريق المعتاد الذي يسلكه حماره ، فوجده متوقفا وقد فقدت حمولته توازنها . إذن فلقد عبث أحدهم بالحمولة وأخذ منها بعضا من عناقيد العنب . أخذ يعلى الحمار إلى البيت بعد أن أعاد توازن حمولته ، ولكن على بعد بضع خطوات من أسوار المدينة شاهد أشخاصا غرباء ينزلون من جمالهم ويستعدون للتخييم هناك ، وهكذا فهم أنه ما من أحد عبث بفواكهه سواهم ، وأن هؤلاء الغرباء لم يكونوا سوى " بنو هلال " الذين كان من المنتظر وصولهم في أية لحظة . وفي المساء عندما دخل كل أهل الدار ، اجتمع يعلى بعائلته ليناقشهم في أحداث هذا اليوم وليتخذوا القرارات اللازمة . وبعد أن أدلى كل واحد برأيه مع الأخذ بعين الاعتبار الوضع الداخلي للبلاد (كان الجميع على علم بالغزوة الهلالية وأضرارها ) ، وإمكانيات العائلة ، والاتجاه الذي يجب سلوكه ... الخ . بعد كل ذلك ختم يعلى بالقول : << إن رجل المهاري قد وصل ، وإن الغريب تحت أسوارنا ، وبين لحظة وأخرى نحن نخاطر بأن نكون ضحاياه ، يجب أن نغادر هذا المكان قبل أن يفوت الأوان ، ومن أجل أن لا يتنبه الجيران إلى هدفنا سنتظاهر بأننا تشاجرنا ونقرر تحت سورة الغضب أن نبيع كل ممتلكاتنا باستثناء المنزل . أما بالنسبة لقطيع الحيوانات فإنه سيسبقنا غدا صباحا مع الفجر وسينتظرنا على بعد مسيرة يوم باتجاه الشمال ... >>
وفي الغد سار كل شيء حسب ما خطط لـه ، وفي المساء مع قدوم الليل كان الجميع مستعدين للرحيل . وعندما نام الجميع وأقفرت الطرقات ، غادر يعلى وأهله القلعة إلى الأبد .
في الصباح لم يشاهد الجيران أحدا يخرج من المنزل ، وبعد مرور زمن قلقوا فدفعوا باب الفناء فوجدوه خاليا وأبواب الغرف مفتوحة ولا أثر للحياة داخلها ، دخل أحدهم إلى غرفة فشاهد جفنة كبيرة من الخشب في وسطها ، وعاد إلى رفاقه ليخبرهم ، وعندما رفعوا الجفنة وجدوا حمامتين ، فأما إحداهما فانتفضت قليلا ثم طارت ، وأما الأخرى فجثمت وأخذت تنتظر لأن جناحيها كانا مقصوصين ، وقد لاحظوا أنها تحمل قطعة مطوية في عنقها ، نزعوها فوجدوا مكتوبا فيها : << من يملك أجنحة فإنه ينتفض ثم يطير ، أما من كان محروما منهما فإنه يبقى مسمرا في الأرض تحت رحمة أول الواصلين >> .
فهموا تلميحات يعلى بسرعة . كانت نصيحة لكل من أراد أن يتجنب الخراب الذي ستتسبب به حرب قادمة مع قبائل بني هلال الفوضوية .
اتجه يعلى إلى الشمال ، ولم يكن يمنح لنفسه وعائلته إلا قليلا من الوقت للراحة واسترجاع الأنفاس ، وسقي الأنعام ، وأكل قليل من الكسرة وحبات من التمر . بعد بضعة أيام من المسير بلغ " شرطيوة " ( الأرض التي يسكنها حاليا " أولاد دحمان " وهم ينحدرون من بني هلال ) . لكن هذا المكان لم يعجبه ، لأنه كان قليل الأمن وقريبا من النهر المليء بالبعوض ولا يوجد به منبع ماء نقي . وكلف راعيه بالبحث عن مكان في الجبل أين تكون عائلته بمأمن من اللصوص وقطاع الطريق .
وفي جولاته تلك ، كان الراعي يبقى أياما عديدة دون الرجوع إلى المخيم . كان يدفع بقطيعه إلى كل فرجة من الغابة تحوي العشب ، وفي ساعات الحر كان يستظل بأشجار البلوط بينما حيواناته تستظل بالأدغال . وفي وقت معين تقريبا كل مرة كان يشاهد تيسه الذي كان اسمه " عباذ " عائدا ، لا يدري من أين ، ولحيته تقطر ماء . فتبعه يوما حتى النبع الذي كان يرتوي منه . كان النبع يخرج عند أقدام صخور عظيمة في طرف فرجة من الغابة غير مأهولة وباردة . وقد أعجبه هذه المكان لإقامة مخيم ويوافق حتما رغبات سيده ، فجمع قطيعه بسرعة ثم عاد إلى شرطيوة ، وعندما وصف لهم المكان أعجبهم كثيرا . وهكذا جمع يعلى وعائلته خيمهم وانطلقوا وبعد مسيرة عدة ساعات عبر الغابة الكبيرة المليئة بأشجار البلوط ، والصنوبر ، والوزال ، والجولق وأنواع عديدة من النباتات ، التي تمثل الغذاء اليومي لقطعان الماعز والغنم لكل قرية ، بعد ذلك وصل إلى المكان المقصود .
هذا المكان مازال حتى الآن يحمل اسم " لوطة نيعلى " وهي اليوم ملك لـ : " الربيع أو سعيد " من " ثوريرث يعقوب " .
وهذا المكان هو عبارة عن فرجة غابة فوق جرف صخري كبير يخرج عند أقدامه نبع غزير . وهذا النبع موجود اليوم تحت الطريق بحوالي مائة متر ، وهو يمد بالماء سكان " ثوريرث " ويسقي بساتينهم ، وهو يحمل اسم " عباذ " وقد سمي باسم التيس الذي اكتشفه .
والمكان الذي اختاره يعلى للإقامة هو منبسط واسع من الأرض وهو يشبه منبسط " ثانسوث " إلا أنه يقع في مكان منخفض عنه باتجاه الشمال عند سفح الجبل . وهو يطل على كل المنطقة بل إن المنظر منه يمتد حتى أعالي جرجرة وقمم البابور الأكثر بعدا ، وعند أقدامه في المنخفضات كان يوجد هناك " نزوات " وهي ضيعات ( منازل قليلة لا تصل حد القرية ) يوجد فيها السكان الأصليون وهم : " إيث أحمد أو يوسف " و " زاثا " ( بالجمع : أنزاثن ) ، وهذه الضيعات تنبعث من بين بساتين مليئة بأشجار مثمرة ، وأشجار البلوط من غابة تمتد منحدرة حتى وادي " غوذان " .
وهذا الموقع رائع ، وهو مكان مثالي للعيش بعيدا عن قلاقل السلطات العمومية وغارات اللصوص وقطاع الطرق .
وهكذا انتقلت عائلة يعلى من الخيمة إلى البيت المبني بالحجر لأن الشتاء كان قاسيا بأمطاره وثلوجه التي تقطع في بعض الأحيان أي اتصال بالعالم الخارجي ، وكان يجب توفير الحطب للتدفئة وطهي الطعام ، وكذلك توفير ملاجئ للأنعام ، فما كان من يعلى وأبناءه إلا أن انغمسوا في العمل ولم يمر زمن طويل حتى ولدت ضيعة صغيرة في وسط فرجة الغابة .
وبما أنه استقر نهائيا فقد أخذ يعلى يفكر في تثبيت دعائم إقامته . وكان يملك كل الوسائل التي تساعده على فعل ذلك وأن يندمج في الوسط المحلي ويفرض نفسه بمعرفته وثقافته ، فقد كان يعلى بربريا متعلما وقد اكتسب قيمة حضارية أثناء إقامته بقلعة بني حماد ، بالإضافة إلى أنه كان غنيا بقطيعه الكبير من الماعز والغنم .
إذن فقد بحث عن إقامة علاقات مع عائلات آيت أحمد أو يوسف و أنزاثن ، وكان أقربهم إليه هم أنزاثن وكانوا يسكنون في المكان المسمى باسمهم ( أنزاثن ) والذي يوجد في وسط أشجار الزيتون في أرض شيستية مشمسة بعيدة عن الرياح والعواصف الثلجية .
عند وفاة يعلى ــ ضريحه موجود بين ثوريرث وقنزات ــ غادر ستة من أبناءه هذا المكان ذا الجو الشتوي القارس وانتقلوا إلى وسط الضيعات حيث من المحتمل أنه يسكنها أنسباؤهم .
وبما أنهم كانوا متعلمين ويحفظون القرآن ولهم معرفة بالدين الإسلامي فقد كانوا أكثر ظهورا على الآخرين ( السكان الأصليون ) حتى أنه عند وفاتهم حملت القرى التي استقروا فيها أسماءهم .
الأبناء السبعة ليعلى هم : شرارة ، زرارة ، سعيذ ، عبد الرحمان ، مجبر ، يعقوب ويونس . ...
ويقال إنه كان هناك ابن ثامن توفي دون أن يخلف ذرية .
الأماكن التي توجد فيها القرى حاليا ليست هي نفسها التي كانت في ذلك الوقت .
لم يكن هناك سوى ضيعات ، أي بضعة منازل من عائلة واحدة مجتمعة في مكان واحد ...
في ثانسوث مثلا ، حول النبع ، كانت هناك مساكن . وهناك أقام " سي اعمر أو موسى " عند وصوله من القلعة . وعند طرف هذه المساكن بنى الأتراك مستودعهم لجمع الضرائب العينية ( ثانسوث كانت تسمى " الحوش أو تركي " ) ...
إذن فقد كان السكان الأوائل هم الـ " زاثا " ( بالجمع أنزاثن ) وهي العائلات التي تزوج منها أبناء يعلى ...
مولود قايد . " Les Beni Yala "
ت : وليد ساحلي . قنزات في جانفي 2007 .